مذكرة عنوانها--شروط قبول دعوى تجاوز السلطة--الجزء الثالث
صفحة 1 من اصل 1
مذكرة عنوانها--شروط قبول دعوى تجاوز السلطة--الجزء الثالث
الفصل الأول: الشروط المشتركة لقبول دعوى تجاوز السلطة بين المجالس القضائية ومجلس الدولة:
يلتجئ المتقاضي، أو صاحب الحق إلى الجهات القضائية المختصة بغية تحقيق هدف أساسي يتمثل في حماية حقه، أي بمعنى الحصول من القضاء على حكم يلغي به قرار الإدارة الذي ألحق به أذى ومس بمركزه وكما سبق عرضه فلا بد من توفر مجموعة من الشروط خاصة بدعوى تجاوز السلطة لكي تقبل من الناحية الشكلية، وبالنظر إلى التعديل الذي أدخله المشرع على قانون إ م بموجب إصلاح 1990 أصبحت المجالس القضائية تختص إلى جانب الغرفة الإدارية للمحكمة العليا (مجلس الدولة حاليا)، بالفصل في دعوى تجاوز السلطة.
ولهذا سوف نتعرض في الفصل الأول إلى الشروط المشتركة بين درجتي التقاضي (مجلس الدولة، والمجالس القضائية) وهي شروط متطلبة ومستلزمة في كلا الدرجتين.
نتناول بالدراسة الشروط حسب الترتيب التالي:
المبحث الأول: شروط القرار الإداري محل الدعوى.
المبحث الثاني: شروط إجراءات رفع الدعوى.
المبحث الثالث: شرط الميعاد.
المبحث الأول: شرط القرار محل الدعوى" القرار الإداري".
نصت عل هذا الشرط المواد 169 مكرر فقرة 1 والمادة 275 من قانون الإجراءات المدنية، وكذلك المادة 9 من القانون العضوي رقم 98 – 01 المتعلق باختصاص وتنظيم وعمل مجلس الدولة.
وبقراءة هذه المواد يتبين لنا أن المشرع قد اعتمد على المعيار العضوي لتحديد الهيئات الإدارية، وتتمثل هذه الهيئات الإدارية في الدولة، الولاية، والبلدية، والهيئات العمومية ذات الصبغة الإدارية.
ويلاحظ هنا أن المادة 09 قانون عضوي 98 – 01 قد وسعت من اختصاص مجلس الدولة ليشمل النظر في الطعون بتجاوز السلطة المرفوعة ضد قرارات الهيئات العمومية الوطنية والمنظمات المهنية الوطنية مقارنة مع نطاق الاختصاص الذي كان ممنوحا للغرفة الإدارية بالمحكمة العليا سابقا.
حيث تنص المادة 09 قانون عضوي 98 – 01 على أنه " يفصل مجلس الدولة ابتدائيا ونهائيا في الطعون بالإلغاء المرفوعة ضد القرارات التنظيمية والفردية الصادرة عن السلطات الإدارية المركزية والهيئات العمومية الوطنية والمنظمات المهنية الوطنية"(1)
وطبقا لنصوص المواد المذكورة أعلاه فإن دعوى تجاوز السلطة يجب أن تكون موجهة ضد قرار صادر عن الدولة أو الولاية أو البلدية أو المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية.
وقبل التطرق إلى شرط القرار الإداري ارتأينا أن نوضح بشكل موجز السلطات الإدارية التي يجوز الطعن في قراراتها بواسطة دعوى تجاوز السلطة وهي على التوالي:
أولا: السلطات الإدارية التي يجوز الطعن في قراراتها أمام مجلس الدولة:
طبقا لنص المادة 09 من القانون العضوي 98-01 فإن هذه السلطات هي:
1- السلطات الإدارية المركزية:
إذا كان تعريف وتحديد مفهوم كل من البلدية والولاية والمؤسسة العمومية ذات الصبغة الإدارية لا تثير أي صعوبة تذكر، فإن تحديد مفهوم "الدولة" المذكورة في المادة 07 ق إ م " السلطات الإدارية المركزية" والمذكورة في المادة 274 ق إ م وكذا المادة 09 من القانون العضوي 98-01 يثير بعض الغموض نظرا لأن مصطلح الدولة له معاني مختلفة هي سواء في القانون الدستوري أو القانون الدولي أو القانون الإداري.
إن كلمة الدولة المذكورة في المادة 07 ق إ م تعني كل الهيئات الإدارية المركزية المتمثلة في: الوزارة وكل الهيئات الإدارية التابعة للهيئات الوطنية المذكورة في المادة 09 قانون عضوي 98-01 (1).
ويتمتع الوزراء بسلطة إصدار قرارات إدارية تخص القطاع التابع لكل وزير سواء كانت قرارات تنظيمية أو فردية.
إذن فالتصرفات الصادرة عن وزير ما والتي تتوفر على خصائص القرار الإداري تكون قابلة للطعن بتجاوز السلطة أمام مجلس الدولة، أما التصرفات الأخرى التي لا تتوفر على تلك الخصائص مثل المنشورات والتعليمات والاقتراحات فإنها لا تصلح لأن تكون محلا لدعوى تجاوز السلطة(2).
2- الهيئات القومية الوطنية:
لقد وسعت المادة09 من القانون العضوي 98. 01 من اختصاص مجلس الدولة ليشمل النظر في القرارات الصادرة من الهيئات العمومية الوطنية.
ويقصد بهذه الأخيرة الأجهزة والتنظيمات المكلفة بممارسة نشاط معين تلبية لاحتياجات المجموعة الوطنية في مختلف مجالات الحياة العامة للدولة مثل المجلس الأعلى للوظيفة العامة، المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، الوكالة الوطنية للطاقة(1).
3- المنظمات المهنية الوطنية:
تنشا المنظمة المهنية لتمثل مهنة ما لدى جميع الجهات وتتمتع المنظمات المهنية الوطنية بصلاحية إعداد ووضع قواعد أخلاقيات المهنة والتصرف الذي يصلح لان يكون محلا للطعن قضائي أمام مجلس الدولة. كما تتمتع المنظمات المهنية الوطنية بدراسة وقبول الترشيحات للمنظمة المهنية بموجب قرارات تتمتع بالطابع الإداري وبالتالي تكون قابلة للطعن بتجاوز السلطة وكذلك النظر في تأديب أعضاءها وتوقيع العقوبات التأديبية.
ويلاحظ أن المادة 09 قانون عضوي 98. 01 لم تورد مثل هذا التمييز لما يصدر عن المنظمات المهنيية الوطنية مما يبقى المجال مفتوحا لاجتهاد مجلس الدولة(2).
ثانيا: السلطات الإدارية التي يجوز الطعن في قراراتها أمام الغرف الإدارية لدى المجالس القضائية:
حسب المادة 02 قانون عضوي 98. 02 والمادة07 ق ا م تمثل هذه السلطات الإدارية هي:الولاية والبلدية.
1- الولاية:
وهي إحدى المجموعات المنصوص عليها في الدستور المادة 15 فهي وحدة من وحدات الإدارية المحلية.
ويقصد بالولاية وفقا للمادة الأولى من القانون 90- 09 القانون الخاص بالولاية مختلف الأجهزة والهيئات القائمة بالتنظيم الولائي وتتمثل هذه الأجهزة في:
- جهاز المداولة: و يتمثل في المجلس الشعبي الولائي المنتخب.
- جهاز التنفيذ: يتمثل في الوالي.
وعليه فانه ما يصدر عن مختلف هياكل و أجهزة الولاية من أعمال وقرارات ذات طابع تنفيذي يمكن الطعن فيها بدعوى تجاوز السلطة ونشير إلى ان الاختصاص بمنازعاتها تختص به الغرف الدارية الجهوية المختصة إقليميا(1).
2- البلدية:
وهي الجماعة الإقليمية القاعدية في الإدارة المحلية كما تشير إلى ذلك المادة 15 من الدستور وتشمل البلدية على مختلف الهيئات والأجهزة القائمة بها سواءا أكانت جهاز المداولة أو الجهاز التنفيذي.
- جهاز المداولة: ويتمثل في المجلس الشعبي البلدي المنتخب.
- جهاز التنفيذ: ويتمثل في رئيس المجلس الشعبي البلدي والذي يتمتع بسلطة اتخاذ القرارات سواء بصفة ممثلا لدولة أو ممثلا للبلدية فكل ما يصدر عن هذه الأجهزة من قرارات أو تصرفات ذات طابع تنفيذي يمكن الطعن فيه بدعوى تجاوز السلطة(2).
وبعد هذا التمهيد نتعرض إلى القرار الإداري من خلال تعريفه وبيان خصائصه.
المطلب الأول: تعريف القرار الإداري وبيان خصائصه:
إن موضوع القرار الإداري من أصعب المواضيع في القانون الإداري كما أن تحديد طبيعته في المنازعات الإدارية لا تقل صعوبة.
وقد شكل وما زال يشكل القرار الإداري موضوع دراسات وبحوث عديدة ومختلفة نظرا للنتائج المترتبة عنه في المنازعات الإدارية وكذلك لتطورات مفهومه الناتج عن أنواع الأعمال التي تقوم بها الإدارة في تحقيق أهدافها.
ولقد وضع المشرع الجزائري إطارا قانونيا لقاعدة القرار الإداري السابق في المادتين169 مكرر. و275 ق إ م.
وما يلاحظ من قراءة هاتين المادتين هو الفرق في المصطلحات المستعملة من طرف المشرع لتحديد الأعمال الإدارية التي تعبر على القرار الإداري السابق ففي المادة 274 ق ا م يشير إلى " القرارات التنظيمية أو الفردية" بينما في المادة 164 مكرر ق ا م يشير إلى كلمة" القرار الإداري"
وبالرجوع إلى نظرية القرار الإداري وخاصة أنواعها " فردي تنظيمي" لا يؤثر هدا الاختلاف على الموضوع بالنسبة لأنواع القرارات الإدارية التي تندرج في شرط القرار الإداري لكن ومن باب التوضيح والتبسيط لفهم الإجراءات لابد من توحيد المصطلحات بحيث لكل مصطلح قانوني مفهوم وأثاره (1).
الفرع الأول: تعريف القرار الإداري:
إذا اختلف الفقه على طريقة دراسة القرار الإداري فانه متفق على عناصر تعريفه، حيث عرف الاستاذ "فؤاد مهنا" القرار الإداري بقوله" هو عمل قانوني انفرادي صدر بإرادة إحدى السلطات الإدارية في الدولة ويحدث أثارا قانونية بإنشاء وضع قانوني جديد أو تعديل أو إلغاء وضع قانوني قائم"(2).
ويجمع الفقه على أن القرار الإداري السابق محل الدعوى الإدارية. هو عمل قانوني صدر عن سلطة إدارية بإرادتها المنفردة له طابع تنفيذي، ويلحق أذى بذاته.
الفرع الثاني: خصائص القرار الإداري.
من خلال تعريف القرار الإداري تتبين خصائصه وهي:
أ) القرار الإداري عمل قانوني:
لكي يكون العمل الصادر عن الإدارة العامة قرارا إداريا يجب أن يكون بقصد إحداث اثر قانوني وبالتالي يختلف العمل أو التصرف القانوني عن الأعمال المادي التي تقوم بها الإدارة وعليه فان الأعمال المادية التي تقوم بها الإدارة لا تشكل قرارات وبالتالي لا تكون محلا لدعوى الإلغاء(1).
كما اعتبر بعض الفقهاء أن عنصر "القانوني" للقرار يحتوي على معطيات تندرج ضمن عنصر المساس بمركز قانوني بمعنى أن العمل القانوني من حيث الشكل هو العمل الذي يختلف عن التصرفات المادية للإدارة مثل إنجاز طريق أو مدرسة أو تنظيم مرور السيارات في مكان معين(2).
والقرار الإداري عمل قانوني لأنه يولد ويحدث أثار قانونية عن طريق إحداث أو إنشاء مراكز قانونية أو تعديل أو إلغاء هذه المراكز.
ب) القرار الإداري قرار انفرادي:
تنصب دعوى تجاوز السلطة على القرارات والتصرفات الإدارية الصادرة عن الإرادة المنفردة للإدارة ويقصد بالقرار الانفرادي القرار الصادر عن إرادة الإدارة، ويظهر الطابع الانفرادي في العلاقة الموجودة بين القرار والمخاطب بحيث يهدف القرار الانفرادي إلى إحداث أثر اتجاه أشخاص لم تشارك في إنشاءه ودون رضاهم(3) .
وبذلك تستبعد العقود الإدارية من مجال قضاء الإلغاء بما أنها تنشا عن اتفاق أرادتين و منازعات العقود تدخل في مجال القضاء الكامل، وكل منازعة بها تدخل في مجال اختصاص قاضي العقد وهو عادة الذي ينظر في المواد الإدارية(1) .
كما أن العقود الإدارية التي تبرمها السلطات الإدارية المركزية أو الهيئات العمومية الوطنية طبقا للمرسوم التنفيذي رقم 91/ 434 المؤرخ في 09/11/1991 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية لا تصلح لان تكون محل لدعوى إلغاء أمام مجلس الدولة إذ تؤول المنازعات التي تثور بصدد تنفيذها إلى المحاكم الإدارية( الغرف الإدارية) بموجب دعوى التعويض(2).
ج) القرار الإداري قرار تنفيذي:
لا تكون الطعون بتجاوز السلطة مقبولة إلا في مواجهة القرارات الإدارية التي تنتج أثار قانونية في مواجهة الطاعنين أي تلك التي تمس بالمركز القانوني للفرد.
وعليه فان التصرفات الصادرة عن الإدارة لا تصلح لان تكون محلا للطعن بتجاوز السلطة إذا لم تكن تتمتع بالطابع التنفيذي كما هو الشأن بالأعمال التحضيرية أو المناشير(3).
ويتمثل الجانب التنفيذي للقرار الإداري في نقطتين أساسيتين:
1- الامتياز المعترف به للإدارة في اتخاذ قرارات قابلة للتنفيذ دون اللجوء للقاضي الإداري، ويسمى هذا الامتياز بامتياز الأسبقية le privilège du préalable .
2-موضوع القرار هو إحداث أثار قانونية(3).
د) القرار الإداري يمس بمركز قانوني ويلحق آذى بذاته:
إن القرار المطعون فيه يجب أن يؤثر في المركز القانوني للطاعن بصفة سلبية أي من شانه إلحاق الأضرار به مثل قرار عزل موظف أو قرار رفض أو قرار سحب رخصة، وتتمثل فكرة القرار الإداري الذي يلحق أذى بذاته في أثار القرار الإداري على حقوق وواجبات المعني بالقرار أي المساس بمركزه القانوني(1).
وعلى ذلك فان كل قرار إداري يتوفر على عنصر إلحاق الضرر بالضرورة يكون له طابع تنفيذي أما العكس غير صحيح دائما والمثال على ذلك قرار ترقية أو قرار منح رخصة ما فهذه القرارات لها طابع تنفيذي ولكن لا تلحق أذى بذاتها، وهنا المسألة التي تطرح نفسها تتمثل في هل يمكن رفع دعوى إلغاء ضد قرار إداري يمتاز بالطابع التنفيذي ولا يلحق أذى بذاته أم لا؟.
فانطلاقا من نص المواد 196 مكرر فقرة01 و 275 ق أ م والمادة09 من القانون العضوي 98/ 01 يمكن القول أن رفع دعوى تجاوز السلطة ضد هذا القرار الذي ينقصه عنصر إلحاق أذى بذاته ممكن ولكن ترفض بسبب عدم توفره على عنصر إلحاق الأذى بذاته (حالة انعدام المصلحة).
وقد أشارت المحكمة العليا إلى ضرورة توفر موضوع الدعوى على الجانب التنفيذي من جهة والجانب الثاني إلحاق أذى بذاته في القرار الإداري(2).
ظهر هذا في قضية "عباس مولود" ضد رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية البليدة بتاريخ 18/12/1976 (3).
وفي قضية "شندري رابح" ضد والي ولاية تيزي وزو حيث قضت بما يلي:" حيث ينتج من التعليمة أن صاحب المقرر هو السيد الوالي لولاية تيزي وزو وهو سلطة إدارية في غاية الوجود وان المقرر يلحق أذى بذاته إلى المدعي وان هذين المعيارين كافيين لإعطاء الطابع الإداري للمقرر المطعون فيه"(4).
المطلب الثاني: المجالات التي لا يشترط فيها القرار الإداري:
لم يشترط المشرع الجزائري على المدعي استيفاء شرط القرار الإداري السابق في حالتين: حالة الاعتداء المادي وفي الدعوى الاستعجالية.
1- في حالة الاعتداء المادي: قررت الغرفة الإدارية للمحكمة العليا في قضية " حاج بن علي" ضد والي ولاية الجزائر(1) انه في حالة الاعتداء المادي لا داعي لتطبيق ما تنص عليه المادة 275 من ق أ م بحيث بتصرفها المادي فان الإدارة قد حددت موقفها صراحة في المسألة المتنازع فيها أي بعبارة أخرى لا يشترط من المدعي في هذه الحالة أن يرفع تظلم إداريا مسبقا للحصول على قرار إداري سابق وبالتالي يستطيع أن يذهب مباشرة للقاضي المختص وهو حسب توزيع الاختصاص القضائي الذي جاء في المادتين 07 و 231 من ق أ م.
وبما أن التظلم الإداري حذف من المادة 169 مكرر من ق أ م بالنسبة للمنازعات العائدة لاختصاص الغرف الإدارية بالمجالس القضائية سهل المهمة بالنسبة للمدعي في جميع الحالات حيث يستطيع هذا الأخير التوجه للقاضي المختص مباشرة(2).
2- في حالة الدعوى الاستعجالية: هذه الحالة عكس الحالة الأولى المقررة بموجب الاجتهاد القضائي فان عدم اشتراط القرار الإداري السابق في حالة رفع دعوى استعجالية ينص عليها المشرع حيث تنص المادة 171 مكرر/2 من ق أ م " في جميع حالات الاستعجال يجوز لرئيس المجلس القضائي أو للعضو الذي ينتدبه بناء على عريضة تكون مقبولة حتى في حالة عدم وجود قرار إداري سابق".
يلتجئ المتقاضي، أو صاحب الحق إلى الجهات القضائية المختصة بغية تحقيق هدف أساسي يتمثل في حماية حقه، أي بمعنى الحصول من القضاء على حكم يلغي به قرار الإدارة الذي ألحق به أذى ومس بمركزه وكما سبق عرضه فلا بد من توفر مجموعة من الشروط خاصة بدعوى تجاوز السلطة لكي تقبل من الناحية الشكلية، وبالنظر إلى التعديل الذي أدخله المشرع على قانون إ م بموجب إصلاح 1990 أصبحت المجالس القضائية تختص إلى جانب الغرفة الإدارية للمحكمة العليا (مجلس الدولة حاليا)، بالفصل في دعوى تجاوز السلطة.
ولهذا سوف نتعرض في الفصل الأول إلى الشروط المشتركة بين درجتي التقاضي (مجلس الدولة، والمجالس القضائية) وهي شروط متطلبة ومستلزمة في كلا الدرجتين.
نتناول بالدراسة الشروط حسب الترتيب التالي:
المبحث الأول: شروط القرار الإداري محل الدعوى.
المبحث الثاني: شروط إجراءات رفع الدعوى.
المبحث الثالث: شرط الميعاد.
المبحث الأول: شرط القرار محل الدعوى" القرار الإداري".
نصت عل هذا الشرط المواد 169 مكرر فقرة 1 والمادة 275 من قانون الإجراءات المدنية، وكذلك المادة 9 من القانون العضوي رقم 98 – 01 المتعلق باختصاص وتنظيم وعمل مجلس الدولة.
وبقراءة هذه المواد يتبين لنا أن المشرع قد اعتمد على المعيار العضوي لتحديد الهيئات الإدارية، وتتمثل هذه الهيئات الإدارية في الدولة، الولاية، والبلدية، والهيئات العمومية ذات الصبغة الإدارية.
ويلاحظ هنا أن المادة 09 قانون عضوي 98 – 01 قد وسعت من اختصاص مجلس الدولة ليشمل النظر في الطعون بتجاوز السلطة المرفوعة ضد قرارات الهيئات العمومية الوطنية والمنظمات المهنية الوطنية مقارنة مع نطاق الاختصاص الذي كان ممنوحا للغرفة الإدارية بالمحكمة العليا سابقا.
حيث تنص المادة 09 قانون عضوي 98 – 01 على أنه " يفصل مجلس الدولة ابتدائيا ونهائيا في الطعون بالإلغاء المرفوعة ضد القرارات التنظيمية والفردية الصادرة عن السلطات الإدارية المركزية والهيئات العمومية الوطنية والمنظمات المهنية الوطنية"(1)
وطبقا لنصوص المواد المذكورة أعلاه فإن دعوى تجاوز السلطة يجب أن تكون موجهة ضد قرار صادر عن الدولة أو الولاية أو البلدية أو المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية.
وقبل التطرق إلى شرط القرار الإداري ارتأينا أن نوضح بشكل موجز السلطات الإدارية التي يجوز الطعن في قراراتها بواسطة دعوى تجاوز السلطة وهي على التوالي:
أولا: السلطات الإدارية التي يجوز الطعن في قراراتها أمام مجلس الدولة:
طبقا لنص المادة 09 من القانون العضوي 98-01 فإن هذه السلطات هي:
1- السلطات الإدارية المركزية:
إذا كان تعريف وتحديد مفهوم كل من البلدية والولاية والمؤسسة العمومية ذات الصبغة الإدارية لا تثير أي صعوبة تذكر، فإن تحديد مفهوم "الدولة" المذكورة في المادة 07 ق إ م " السلطات الإدارية المركزية" والمذكورة في المادة 274 ق إ م وكذا المادة 09 من القانون العضوي 98-01 يثير بعض الغموض نظرا لأن مصطلح الدولة له معاني مختلفة هي سواء في القانون الدستوري أو القانون الدولي أو القانون الإداري.
إن كلمة الدولة المذكورة في المادة 07 ق إ م تعني كل الهيئات الإدارية المركزية المتمثلة في: الوزارة وكل الهيئات الإدارية التابعة للهيئات الوطنية المذكورة في المادة 09 قانون عضوي 98-01 (1).
ويتمتع الوزراء بسلطة إصدار قرارات إدارية تخص القطاع التابع لكل وزير سواء كانت قرارات تنظيمية أو فردية.
إذن فالتصرفات الصادرة عن وزير ما والتي تتوفر على خصائص القرار الإداري تكون قابلة للطعن بتجاوز السلطة أمام مجلس الدولة، أما التصرفات الأخرى التي لا تتوفر على تلك الخصائص مثل المنشورات والتعليمات والاقتراحات فإنها لا تصلح لأن تكون محلا لدعوى تجاوز السلطة(2).
2- الهيئات القومية الوطنية:
لقد وسعت المادة09 من القانون العضوي 98. 01 من اختصاص مجلس الدولة ليشمل النظر في القرارات الصادرة من الهيئات العمومية الوطنية.
ويقصد بهذه الأخيرة الأجهزة والتنظيمات المكلفة بممارسة نشاط معين تلبية لاحتياجات المجموعة الوطنية في مختلف مجالات الحياة العامة للدولة مثل المجلس الأعلى للوظيفة العامة، المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، الوكالة الوطنية للطاقة(1).
3- المنظمات المهنية الوطنية:
تنشا المنظمة المهنية لتمثل مهنة ما لدى جميع الجهات وتتمتع المنظمات المهنية الوطنية بصلاحية إعداد ووضع قواعد أخلاقيات المهنة والتصرف الذي يصلح لان يكون محلا للطعن قضائي أمام مجلس الدولة. كما تتمتع المنظمات المهنية الوطنية بدراسة وقبول الترشيحات للمنظمة المهنية بموجب قرارات تتمتع بالطابع الإداري وبالتالي تكون قابلة للطعن بتجاوز السلطة وكذلك النظر في تأديب أعضاءها وتوقيع العقوبات التأديبية.
ويلاحظ أن المادة 09 قانون عضوي 98. 01 لم تورد مثل هذا التمييز لما يصدر عن المنظمات المهنيية الوطنية مما يبقى المجال مفتوحا لاجتهاد مجلس الدولة(2).
ثانيا: السلطات الإدارية التي يجوز الطعن في قراراتها أمام الغرف الإدارية لدى المجالس القضائية:
حسب المادة 02 قانون عضوي 98. 02 والمادة07 ق ا م تمثل هذه السلطات الإدارية هي:الولاية والبلدية.
1- الولاية:
وهي إحدى المجموعات المنصوص عليها في الدستور المادة 15 فهي وحدة من وحدات الإدارية المحلية.
ويقصد بالولاية وفقا للمادة الأولى من القانون 90- 09 القانون الخاص بالولاية مختلف الأجهزة والهيئات القائمة بالتنظيم الولائي وتتمثل هذه الأجهزة في:
- جهاز المداولة: و يتمثل في المجلس الشعبي الولائي المنتخب.
- جهاز التنفيذ: يتمثل في الوالي.
وعليه فانه ما يصدر عن مختلف هياكل و أجهزة الولاية من أعمال وقرارات ذات طابع تنفيذي يمكن الطعن فيها بدعوى تجاوز السلطة ونشير إلى ان الاختصاص بمنازعاتها تختص به الغرف الدارية الجهوية المختصة إقليميا(1).
2- البلدية:
وهي الجماعة الإقليمية القاعدية في الإدارة المحلية كما تشير إلى ذلك المادة 15 من الدستور وتشمل البلدية على مختلف الهيئات والأجهزة القائمة بها سواءا أكانت جهاز المداولة أو الجهاز التنفيذي.
- جهاز المداولة: ويتمثل في المجلس الشعبي البلدي المنتخب.
- جهاز التنفيذ: ويتمثل في رئيس المجلس الشعبي البلدي والذي يتمتع بسلطة اتخاذ القرارات سواء بصفة ممثلا لدولة أو ممثلا للبلدية فكل ما يصدر عن هذه الأجهزة من قرارات أو تصرفات ذات طابع تنفيذي يمكن الطعن فيه بدعوى تجاوز السلطة(2).
وبعد هذا التمهيد نتعرض إلى القرار الإداري من خلال تعريفه وبيان خصائصه.
المطلب الأول: تعريف القرار الإداري وبيان خصائصه:
إن موضوع القرار الإداري من أصعب المواضيع في القانون الإداري كما أن تحديد طبيعته في المنازعات الإدارية لا تقل صعوبة.
وقد شكل وما زال يشكل القرار الإداري موضوع دراسات وبحوث عديدة ومختلفة نظرا للنتائج المترتبة عنه في المنازعات الإدارية وكذلك لتطورات مفهومه الناتج عن أنواع الأعمال التي تقوم بها الإدارة في تحقيق أهدافها.
ولقد وضع المشرع الجزائري إطارا قانونيا لقاعدة القرار الإداري السابق في المادتين169 مكرر. و275 ق إ م.
وما يلاحظ من قراءة هاتين المادتين هو الفرق في المصطلحات المستعملة من طرف المشرع لتحديد الأعمال الإدارية التي تعبر على القرار الإداري السابق ففي المادة 274 ق ا م يشير إلى " القرارات التنظيمية أو الفردية" بينما في المادة 164 مكرر ق ا م يشير إلى كلمة" القرار الإداري"
وبالرجوع إلى نظرية القرار الإداري وخاصة أنواعها " فردي تنظيمي" لا يؤثر هدا الاختلاف على الموضوع بالنسبة لأنواع القرارات الإدارية التي تندرج في شرط القرار الإداري لكن ومن باب التوضيح والتبسيط لفهم الإجراءات لابد من توحيد المصطلحات بحيث لكل مصطلح قانوني مفهوم وأثاره (1).
الفرع الأول: تعريف القرار الإداري:
إذا اختلف الفقه على طريقة دراسة القرار الإداري فانه متفق على عناصر تعريفه، حيث عرف الاستاذ "فؤاد مهنا" القرار الإداري بقوله" هو عمل قانوني انفرادي صدر بإرادة إحدى السلطات الإدارية في الدولة ويحدث أثارا قانونية بإنشاء وضع قانوني جديد أو تعديل أو إلغاء وضع قانوني قائم"(2).
ويجمع الفقه على أن القرار الإداري السابق محل الدعوى الإدارية. هو عمل قانوني صدر عن سلطة إدارية بإرادتها المنفردة له طابع تنفيذي، ويلحق أذى بذاته.
الفرع الثاني: خصائص القرار الإداري.
من خلال تعريف القرار الإداري تتبين خصائصه وهي:
أ) القرار الإداري عمل قانوني:
لكي يكون العمل الصادر عن الإدارة العامة قرارا إداريا يجب أن يكون بقصد إحداث اثر قانوني وبالتالي يختلف العمل أو التصرف القانوني عن الأعمال المادي التي تقوم بها الإدارة وعليه فان الأعمال المادية التي تقوم بها الإدارة لا تشكل قرارات وبالتالي لا تكون محلا لدعوى الإلغاء(1).
كما اعتبر بعض الفقهاء أن عنصر "القانوني" للقرار يحتوي على معطيات تندرج ضمن عنصر المساس بمركز قانوني بمعنى أن العمل القانوني من حيث الشكل هو العمل الذي يختلف عن التصرفات المادية للإدارة مثل إنجاز طريق أو مدرسة أو تنظيم مرور السيارات في مكان معين(2).
والقرار الإداري عمل قانوني لأنه يولد ويحدث أثار قانونية عن طريق إحداث أو إنشاء مراكز قانونية أو تعديل أو إلغاء هذه المراكز.
ب) القرار الإداري قرار انفرادي:
تنصب دعوى تجاوز السلطة على القرارات والتصرفات الإدارية الصادرة عن الإرادة المنفردة للإدارة ويقصد بالقرار الانفرادي القرار الصادر عن إرادة الإدارة، ويظهر الطابع الانفرادي في العلاقة الموجودة بين القرار والمخاطب بحيث يهدف القرار الانفرادي إلى إحداث أثر اتجاه أشخاص لم تشارك في إنشاءه ودون رضاهم(3) .
وبذلك تستبعد العقود الإدارية من مجال قضاء الإلغاء بما أنها تنشا عن اتفاق أرادتين و منازعات العقود تدخل في مجال القضاء الكامل، وكل منازعة بها تدخل في مجال اختصاص قاضي العقد وهو عادة الذي ينظر في المواد الإدارية(1) .
كما أن العقود الإدارية التي تبرمها السلطات الإدارية المركزية أو الهيئات العمومية الوطنية طبقا للمرسوم التنفيذي رقم 91/ 434 المؤرخ في 09/11/1991 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية لا تصلح لان تكون محل لدعوى إلغاء أمام مجلس الدولة إذ تؤول المنازعات التي تثور بصدد تنفيذها إلى المحاكم الإدارية( الغرف الإدارية) بموجب دعوى التعويض(2).
ج) القرار الإداري قرار تنفيذي:
لا تكون الطعون بتجاوز السلطة مقبولة إلا في مواجهة القرارات الإدارية التي تنتج أثار قانونية في مواجهة الطاعنين أي تلك التي تمس بالمركز القانوني للفرد.
وعليه فان التصرفات الصادرة عن الإدارة لا تصلح لان تكون محلا للطعن بتجاوز السلطة إذا لم تكن تتمتع بالطابع التنفيذي كما هو الشأن بالأعمال التحضيرية أو المناشير(3).
ويتمثل الجانب التنفيذي للقرار الإداري في نقطتين أساسيتين:
1- الامتياز المعترف به للإدارة في اتخاذ قرارات قابلة للتنفيذ دون اللجوء للقاضي الإداري، ويسمى هذا الامتياز بامتياز الأسبقية le privilège du préalable .
2-موضوع القرار هو إحداث أثار قانونية(3).
د) القرار الإداري يمس بمركز قانوني ويلحق آذى بذاته:
إن القرار المطعون فيه يجب أن يؤثر في المركز القانوني للطاعن بصفة سلبية أي من شانه إلحاق الأضرار به مثل قرار عزل موظف أو قرار رفض أو قرار سحب رخصة، وتتمثل فكرة القرار الإداري الذي يلحق أذى بذاته في أثار القرار الإداري على حقوق وواجبات المعني بالقرار أي المساس بمركزه القانوني(1).
وعلى ذلك فان كل قرار إداري يتوفر على عنصر إلحاق الضرر بالضرورة يكون له طابع تنفيذي أما العكس غير صحيح دائما والمثال على ذلك قرار ترقية أو قرار منح رخصة ما فهذه القرارات لها طابع تنفيذي ولكن لا تلحق أذى بذاتها، وهنا المسألة التي تطرح نفسها تتمثل في هل يمكن رفع دعوى إلغاء ضد قرار إداري يمتاز بالطابع التنفيذي ولا يلحق أذى بذاته أم لا؟.
فانطلاقا من نص المواد 196 مكرر فقرة01 و 275 ق أ م والمادة09 من القانون العضوي 98/ 01 يمكن القول أن رفع دعوى تجاوز السلطة ضد هذا القرار الذي ينقصه عنصر إلحاق أذى بذاته ممكن ولكن ترفض بسبب عدم توفره على عنصر إلحاق الأذى بذاته (حالة انعدام المصلحة).
وقد أشارت المحكمة العليا إلى ضرورة توفر موضوع الدعوى على الجانب التنفيذي من جهة والجانب الثاني إلحاق أذى بذاته في القرار الإداري(2).
ظهر هذا في قضية "عباس مولود" ضد رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية البليدة بتاريخ 18/12/1976 (3).
وفي قضية "شندري رابح" ضد والي ولاية تيزي وزو حيث قضت بما يلي:" حيث ينتج من التعليمة أن صاحب المقرر هو السيد الوالي لولاية تيزي وزو وهو سلطة إدارية في غاية الوجود وان المقرر يلحق أذى بذاته إلى المدعي وان هذين المعيارين كافيين لإعطاء الطابع الإداري للمقرر المطعون فيه"(4).
المطلب الثاني: المجالات التي لا يشترط فيها القرار الإداري:
لم يشترط المشرع الجزائري على المدعي استيفاء شرط القرار الإداري السابق في حالتين: حالة الاعتداء المادي وفي الدعوى الاستعجالية.
1- في حالة الاعتداء المادي: قررت الغرفة الإدارية للمحكمة العليا في قضية " حاج بن علي" ضد والي ولاية الجزائر(1) انه في حالة الاعتداء المادي لا داعي لتطبيق ما تنص عليه المادة 275 من ق أ م بحيث بتصرفها المادي فان الإدارة قد حددت موقفها صراحة في المسألة المتنازع فيها أي بعبارة أخرى لا يشترط من المدعي في هذه الحالة أن يرفع تظلم إداريا مسبقا للحصول على قرار إداري سابق وبالتالي يستطيع أن يذهب مباشرة للقاضي المختص وهو حسب توزيع الاختصاص القضائي الذي جاء في المادتين 07 و 231 من ق أ م.
وبما أن التظلم الإداري حذف من المادة 169 مكرر من ق أ م بالنسبة للمنازعات العائدة لاختصاص الغرف الإدارية بالمجالس القضائية سهل المهمة بالنسبة للمدعي في جميع الحالات حيث يستطيع هذا الأخير التوجه للقاضي المختص مباشرة(2).
2- في حالة الدعوى الاستعجالية: هذه الحالة عكس الحالة الأولى المقررة بموجب الاجتهاد القضائي فان عدم اشتراط القرار الإداري السابق في حالة رفع دعوى استعجالية ينص عليها المشرع حيث تنص المادة 171 مكرر/2 من ق أ م " في جميع حالات الاستعجال يجوز لرئيس المجلس القضائي أو للعضو الذي ينتدبه بناء على عريضة تكون مقبولة حتى في حالة عدم وجود قرار إداري سابق".
الوليد- المساهمات : 32
تاريخ التسجيل : 19/04/2008
العمر : 38
مواضيع مماثلة
» مذكرة عنوانها--شروط قبول دعوى تجاوز السلطة--الجزء الرابع
» مذكرة عنوانها--شروط قبول دعوى تجاوز السلطة--الجزء الخامس
» مذكرة عنوانها--شروط قبول دعوى تجاوز السلطة--الجزء السادس
» مذكرة عنوانها--شروط قبول دعوى تجاوز السلطة--الجزء السابع
» مذكرة عنوانها--شروط قبول دعوى تجاوز السلطة--الجزء الثامن
» مذكرة عنوانها--شروط قبول دعوى تجاوز السلطة--الجزء الخامس
» مذكرة عنوانها--شروط قبول دعوى تجاوز السلطة--الجزء السادس
» مذكرة عنوانها--شروط قبول دعوى تجاوز السلطة--الجزء السابع
» مذكرة عنوانها--شروط قبول دعوى تجاوز السلطة--الجزء الثامن
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى